المادة    
  1. مذهب الأشاعرة والمتكلمين في العلو

    إن الذين خالفوا في موضوع العلو انقسموا إلى مذهبين: مذهب المتكلمين والفلاسفة، وعليه أكثر الأشاعرة، وهو: أن الله تعالى لا داخل العالم ولا خارجه، ولا أمامه ولا خلفه، ولا عن يمينه ولا عن شماله، فهم يقولون بنفي الجهات الست عن الله تعالى؛ لأن الجهة -بزعمهم- من خصائص المخلوقات، وهذا ما سيأتي الرد عليه في المقام الثالث، فهم يقولون: إنما ننفي ذلك حتى لا نكون مشبهين أو ممثلين أو مجسمين.. هكذا يظنون! وكان مما رد به عليهم شيخ الإسلام أن قال: (إن هذا وصف المعدوم)؛ إذا سألك إنسان: أين فلان؟ فقلت: لا داخل البيت ولا خارجه، فمعنى ذلك أنك تريد أن تنفي وجوده عن كل الكون، وأنه لا يوجد شخص بهذا الاسم أصلاً؛ لا داخل البيت ولا خارجه؛ ولو قلت: إنه ليس داخل البيت، لظنوا أنه خارجه، ولو قلت: إنه ليس خارج البيت، لظنوا أنه داخله، أما قولك: لا داخل البيت ولا خارجه، فإنه وصف المعدوم، وهذا -كما يقولون في فلسفتهم- رفعٌ للنقيضين، والنقيضان رفعهما محال، وكذلك إذا قلت: هو داخله وخارجه، فقد أتيت بما تحيله العقول؛ لأن اجتماع النقيضين أيضاً محال.
  2. مذهب الصوفية في العلو

    المذهب الثاني: أن الله سبحانه وتعالى في كل مكان، وهو قول بعض المتكلمين، ومال إليه أكثر الصوفية، وغلا فيه بعض الصوفية حتى قالوا: هو عين الموجودات... تعالى الله عما يصفون!
    وبهذا يعلم خطر قولهم: إن الله في كل مكان.. فهو نصف الطريق إلى قولهم: هو عين الموجودات.
    وقد بنى هؤلاء الذين قالو: (إن الله هو عين الموجودات)، على مقولتهم هذه مقولات من أشنع الكفر وأخبثه؛ فمن ذلك زعمهم أن ما قاله فرعون حين قال: (أنا ربكم الأعلى) كان كلاماً صحيحاً، وزعمهم كذلك أن من عبد الأصنام فعبادته صحيحة..! وكل عاقل يعلم بالاضطرار بطلان هذا القول؛ إذ لو كان الأمر كذلك؛ فلماذا أرسل الله الرسل وأنزل الكتب؟! فالذين يقولون هذا القول كفرتهم جميع الطوائف من معتزلة وأشعرية، فضلاً عن أهل السنة .
  3. مذهب أهل السنة والجماعة في العلو

    مذهب أهل السنة هو الحق في مسألة العلو، وهو الوسط بين من يقول: إن الله -سبحانه وتعالى- لا هو خارج العالم ولا داخله، وبين من يقول: إنه -عز وجل- في كل مكان، وهو القول الذي جاء به الكتاب والسنة، وهو أنه تعالى فوق المخلوقات بذاته، ومعهم بعلمه وقدرته سبحانه وتعالى.